ثلاثة أمور على كل والد أن يتعلمها

image

تعتبر ظاهرة تعلم كيفية تربية الأبناء ظاهرة حديثة، بل حتى أن كثيراً من الآباء يقولون “بنربيهم مثل ما ربونا أمهاتنا”، ولكن مهما صمدوا أمام هذا الواقع فسيظلون يطدمون بجدار مكتوب عليه: هذا الموقف لم تواجهه أمي عندما كانت تربيني. فأمه كانت تربيه مع من كان معها في الفريج أو الحي، ولكنه اليوم يربي أبناءه مع كل ما حوله في العالم من أجهزة لوحية وشبكات اجتماعية.
لا أستنقص من تربية أمهاتنا وحاشاهم من الجهل أو التقصير في تربية جيلنا بل ليتنا نتعلم من نواياهم الصالحة في تربية اﻷبناء. ولكنني أنتقد هنا المربين الذين يعيشون في واقع معطياته تتطلب أن يعرفوا المزيد من التفاصيل.
أصبحت مهارات تربية الأبناء مجالاً يحتاج إلى تعلم ودراسة لأننا نتعامل مع أبنائنا في زمن لم يحدث من قبل، ولم يتناقل أساليبه مجتمع سابق، فإن لم تعرف صوعك من بوعك فيه فإن أمواجاً متلاطمة من التوجهات التربوية ستشتت تفكيرك يمنة ويسرة، ولن تدري أتتبع كلام فلان الذي يقول اضربوهم، أم كلام علان الذي يقول أن الضرب جريمة يعاقب عليها القانون.

فأنت كوالد، من أين تبدأ لتعرف عن كيفية التعامل مع أبناءك؟

الخطوة اﻷولى: تثقف عن كيف ينمو طفلك
قبل أن تعرف كيف تتعامل معهم، فعليك أن تعرف من هم، وأعني بذلك أن تعرف كيف ينمو الأطفال جسديا، وعاطفيا وإدراكيا، ومعرفتك هذه ستجعلك تستمتع بهم إلى أقصى الحدود، لأنك عندما تراقبهم، فإنك تستمتع بتفاصيل ما تشاهده فيهم، ولأنك ستتفاعل معهم بمعرفتك بمراحل النمو التي يمرون بها. بعض المربين يعتقدون أن هذا الطفل الذي يبكي في لحظة ويضحك في اللحظة التي تليها هو لغز غامض لا يعرفون حتى كيفية التواصل معه، وبعضهم من شدة إحساسهم بالغموض يخافون من أن يقتربوا من الأطفال، بينما لو عرفوا عما يتعلق بالمراحل العمرية التي يمرون بها فإنهم سيدركون أنهم كتاب مفتوح، وللتعامل معهم مفاتيح عديدة في متناول اليد.

الخطوة الثانية: تعلم كيفية تحديد غايات طفلك
بعد ذلك تحتاج كمربي أن تعرف ما هي الغايات التي يريد أن يصل إليها الأطفال، والتي ستفسر لك سبب تصرفاتهم التي لا تعرف سببها ولا تعرف كيف تتعامل معها، فعلى سبيل المثال، الطفل الذي يسألك سؤالاً فوق العشرين مرة بشكل مزعج ومتتال يبدو عليه أنه طفل يتفنن في كيفية إزعاجك، بينما هو إنسان يريد بعض اهتمامك، وطفلك الذي يعاندك ليلبس في كل مشوار نفس القميص، هو طفل يريد أن يترجاك ليشاركك في اتخاذ قرارات تخصه حتى يشعر بأن له سلطه على أمور تتعلق به. عندما يتعلم المربي الرغبات الأساسية التي سيسعى إلى تحقيقها طفله سواء بالسلوكيات الإيجابية أو السلبية فإنه سيتمكن من الاستجابة لمعظم أنواع السلوكيات التي تظهر من أبنائه بما فيها الكذب والسرقة والعدوانية والعناد والحركة المفرطة والكسل وهلم جراً.

الخطوة الثالثة: هيئ نفسك ﻷن تكون المعلم اﻷساسي
وبما أن المربي هو المدرسة الأولى والأخيرة للطفل فإنه يحتاج إلى معرفة أساسيات أساليب التعليم مثل أن يعرف الألعاب التي تحفز لدى الطفل المهارات الإبداعية، والألعاب التي تعزز لديه المهارات المنطقية، وكيفية اختيار القصص والكتب المناسبة. ثم سيحتاج كذلك إلى معرفة كيف يتعلم الأطفال القراءة والكتابة ومهارات الرياضيات والأساليب التي سيتعلم الطفل ذلك من خلالها بعيداً عن التلقين وأقرب إلى البحث والاستكشاف والاستنتاج، والتي ستكون أغلبها أساليب أقرب إلى اللعب منها إلى الدراسة.

الطريق المختصر: وسع شبكة مصادرك
الوسيلة الأقصر لكل ذلك هو أن تعرف أين تجد المصادر التي ستعلمك كل هذه المهارات. بما أننا نعيش في عصر المعلومات، فالمصادر باتت أقرب إليك من باب منزلك. بل أن هناك بعض مواقع الانترنت التي تفننت في توفير المصادر التي تحتاج إليها إلى درجة أنها عرّبتها لك مثل موقع babycenter.com. ستحتاج كذلك إلى معرفة المصادر التي ستوفر لك الاستشارات المتخصصة، فعليك أن تعرف عن المراكز المتخصصة في منطقتك التي تقدم هذا النوع من الخدمات في حالة احتجت إليها يوماً ما، مثل أن تقابل الاختصاصي النفسي، أو المختصين في تقييم الاضطرابات السلوكية واضطرابات النمو أو صعوبات التعلم. تحتاج كذلك أن تتعرف على المراكز التي تقدم المحاضرات وورش العمل عن كيفية التعامل مع الأبناء، لأنك ستجد فيها عند اختلاطك بأصحاب الخبرة والتخصص فائدة غير موجودة في الكتب أو في مواقع الانترنت. وفي تحديدك للمصادر، من المهم أن تتفحص مصداقية المصدر الذي تحصل منه على معلوماتك، مثل أن تتحقق من كفاءة المصدر العلمية والمهنية، فعلى سبيل المثال، إذا احتجت أن تأخذ ابنك إلى الاختصاصي النفسي، فمن المهم أن تعرف عن رخصته في مزاولة هذا المجال، وفي مثال آخر إذا قرأت معلومة في شبكة اجتماعية فعليك أن تتحقق من مصدرها ومن الدلائل العلمية التي تستند عليها.

والآن أيها القارئ الكريم، أريد منك أن تقارن بين مربٍ أخذ تربية أبنائه بهذه الجدية التي ذكرناها والمتعة والسلاسة التي سيعيشها في علاقتها مع أبنائه وبين مرب تعامل معهم على أن وجودهم في حياته تحصيل حاصل أدى به إلى أن يستنتج أن الطريقة الأمثل هي أن يربيهم كما ربته أمه، ولا أنتقد تربية أمه ولكني أنتقد أنه لا يعرف غيرها بل حتى لا يعرف كيف يستخدمها. وسيسعدني أن أعرف عن رأيك في هذين المربيين.