رد على مقال: “بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان”

في تاريخ 5 مايو 2016، نشرت جريدة الاتحاد مقال للأستاذ أحمد أميري بعنوان “بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان”، وأود أن أردف مقاله بوجهة نظري.

هنا رابط مقال الأستاذ أحمد أميري http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=89344

عندما نتحدث عن العلوم، وبالتحديد الرياضيات والتكنلوجيا والعلوم التطبيقية، فإننا ندرك أنه لا مجال لنا أن نتفوق في هذا الزمن إلا بالمعرفة، لأن المعرفة صارت سلعة اقتصادية تقوم عليها رؤوس أموال العصر الحالي. ولكن كما قال أحمد أميري، فالتفوق وحده في هذه العلوم لا يكفي لبناء بنية تحتية معرفية.

عندما كان الاقتصاد يعتمد على ما جاء من بعد الثورة الصناعية، كانت المؤسسات التعليمية تخرّج “عمالاً” يحركون المصانع ويديرون المكاتب. ولكن بعد أن جاءت الثورة المعلوماتية، فإن مهمة المؤسسات التعليمية تحولت من أن تخرج عمالاً إلى أن تخرّج “مبتكرين”، لأننا الآن لسنا في حاجة إلى مصانع، فالمصانع تم تحويلها إلى الصين والبرازيل، ولكننا بحاجة إلى حاضنات ابتكار ومن يعمل فيها هم ليسو ممن تدرب على الإدارة المصنعية والمكتبية، وإنما من تدرب على المساهمة في “اقتصاد قائم على المعرفة”.

الاقتصاد القائم على المعرفة يعتمد على مهارات العلوم والرياضيات، ولكن من المهم أيضاً أن يكون لدى العاملين في هذا النوع من الاقتصاد مهارة “الانفتاح على حل المشكلات”، وهي أن يكون المتعلم متحفزاً لأن ينظر في الحلول الغير معتادة لديه، وأن تكون لديه قابلية الاستعداد لهذا التحدي، بل وأنه يستمتع بمثل هذا التحدي.

يحتاج المتعلم كذلك إلى مهارات “التعلم مدى الحياة”، وهذا يعني أنه حتى لو تفوق في العلوم والرياضيات فإن مهارة التعلم مدى الحياة تحتّم عليه أن يستمر في تعلم العلوم والرياضيات مدى الحياة لأن هذه المهارة تكسبه كذلك نظرة أن ما تعلمه هو ليس عبارة عن قواعد ثابتة، وإنما قواعد متغيرة قد تكون ملائمة لزمان ومكان ما وغير ملائمة لغيرهما.

ومن المهارات التي يبدو أننا لا نعيرها اهتماماً كبيرا ولكنها ضرورية لاقتصاد قائم على المعرفة هي أن يتدرب المتعلم على مهارات “ريادة الأعمال”. نعم، بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان، لأننا للأسف  لسنا نرى المعرفة على أنها غاية يجب أن نصل إليها، وإنما على أنها وسيلة إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وفي هذه البيئة الاقتصادية يجب على المتعلم أن يعرف كيف يغامر بمعرفته، وكيف يفكر في جوانب تأثيرها، وكيف يفكر في كيفية نشرها وتسويقها.

طرح أحمد أميري أسئلة كثيرة في مقاله والتي أعتقد أن الأبحاث المهتمة في موضوع الاقتصاد القائم على المعرفة تشاركه كثير من هذه التساؤلات، ولكني أعتقد أن السؤال الذي نحتاجه اليوم هو: إن كنا قد أعلنا عن التزامنا باقتصاد قائم على المعرفة، فما الذي نحتاجه في بيئاتنا المحلية لنعد الكوادر التي ستساهم في هذا الاقتصاد؟