العلاقات.. ثم العلاقات.. ثم العلاقات..

كنت أظن أن التقديم للالتحاق بالبرامج الأكاديمية هو مجرد تعبئة طلب الكتروني وإرفاق التقارير والمستندات المطلوبة ومن بعدها انتظار الرد من منسق/منسقة البرنامج وكان هذا الاعتقاد هو سبب عدم نجاحي في الحصول على قبول أكاديمي من بعض الجامعات. أدركت بعدها أن التواصل مع منسقة البرنامج لمتابعة وصول التقارير والمستندات المطلوبة هو من أهم أسباب النجاح في الحصول على قبول أكاديمي.

في كثير من الأحيان يكمل المتقدم الطلب ويرفعه ويدفع الرسوم المطلوبة لتقديمه ويظن أنك انتهى، بينما في الواقع هناك بعض الأوراق التي يجب أن تتأكد من وصولها لدى المنسق، وفي حالة عدم توفرها، تعتبر المنسقة أن ملفك غير كامل ولن تحوله إلى لجنة القبول، وكأنك يا زيد ما غزيت.

بجانب أنه يمكنك أن تتأكد من اكتمال أوراقك وجاهزية ملفك لأن ينتقل إلى لجنة القبول، فإنك كذلك يمكنك أن تستشف من المنسقة عن مدى فرصتك في الحصول على قبول من جهتهم. بالإضافة إلى ذلك، اتصالك بالمنسقة يوحي بجديتك في الرغبة بالالتحاق بالبرنامج، وتتحول من أن تصبح مجرد اسم على ملف إلى شخص له رغبة وجدية في الدراسة، وهذا قد يجعل المنسقة تتعاطف وتتعاون معك في تحويل ملفك إلى لجنة القبول.

من الطرائف التي صادفتني في تواصلي مع منسقي البرامج والتي أكدت لي أهمية هذه الخطوة، هو أنني اتصلت يوماً بأحدهم وعندما أجابت الهاتف أخبرتني بأن اللجنة منحت قبولاً أكاديمياً لعدد محدود من الطبة وأنني لست من ضمنهم، وأنها ستتجه بعد أن تنهي مكالمتها معي لتوقع على هذه النتيجة. ثم قالت، بما أنك اتصلت، فلا بأس من أن أسألك بعض الأسئلة، وقامت بطرح أسئلة تتعلق باهتماماتي البحثية والباحثين الذي أرجع إلى كتاباتهم. العجيب أنها في خلال تلك المكالمة غيرت رأيها في رفض طلبي للالتحاق ببرنامجهم إلى منحي قبولاً أكاديمياً من قبلهم. قدر الله أن لا اختار هذه الجامعة لالتحق بها والتحقت بجامعة أخرى، ولكن كان هذا الموقف أحد المواقف التي لن أنساها لفترة طويلة من حياتي، وهو أن اتصال هاتفي قد يغير القرارات لدى المسؤولين.

التواصل الآخر الذي يمكن أن يرجّح كفة فرصتك في الحصول على قبول أكاديمي من برنامج معين هو أن تتواصل مع الدكاترة والمدرسين في هذا البرنامج وتذكر لهم أنك قمت بالتقديم لبرنامجهم وأنك تود أن تساهم في أعمالهم البحثية. حتى تتمكن من القيام بهذه الخطوات يجب أن تكون قد قرأت مسبقاً عن هؤلاء الدكاترة واهتماماتهم البحثية، واحذر من أن تختار أحدهم عشوائياً، فكما أخبرتك، هو حساسون للسطحية والعمومية، ويجذبهم الحديث عن التفاصيل، مثل ذكرك عن مهاراتك التي قد تسهم في نجاح أعمالهم البحثية.

أما إن استطعت أن تكون علاقة ممتدة مع أحد هؤلاء الأساتذة من وقت مبكر لتقديم طلبك، فإن ذلك قد يسهل عليك كثيراً عملية التقديم، مثل أن يدلك الأستاذ على المستندات والتقارير المطلوبة أو أن يدلك على كيفية ترشيح كفة فرصك في الحصول على قبول في برنامجهم. لماذا هي العلاقات مهمة في هذا الجانب؟ من نظرتي الشخصية، أرى أن لجنة القبول يهمها أن يكون الطالب الذي سيقبلون بالتحاقه إلى برنامجهم هو شخص يثقون بأنه لن يثقل عاتقهم بأن يرسب في بعض المواد أو يسبب لهم بعض المشاكل، بل يريدونه عضواً فعالاً في فريقهم وفرداً جديراً بالثقة في عائلتهم الأكاديمية، فإن كانوا يعرفونك بشخصك عوضاً عن أن يعرفوك بمجرد النظر في ملفك، فإن ذلك سيسهل عليهم اتخاذ قرارهم.