عيد اﻷم: أنا من ستحتفل بأمومتها

mothers_day

أهداني طفلي ذو السنتين في عيد الأم الذي كان قبل عدة عدة أيام هدية لامست شغاف قلبي.. بل وجعلت شعر جسمي يقف من شدة المفاجأة.
كنت مندمجة أمام شاشة الكمبيوتر ومنزعجة من كثرة ثرثرته من حولي لأني كنت أريد التركيز فيما كنت أقوم به.  أتاني بكل عفوية ومن دون أي مقدمات وسألني بكل جدية: “ماما تحبيني؟” ارتفعت أصابعي من فوق لوحة المفاتيح من المفاجأة التي عندما أفقت منها رميت بالجهاز المحمول  من على حجري وسحبت ابني بقوة إلى حضني وضممته بشدة وأنا أقول: طبعا أحبك.. كيف ما أحبك!
أن تتحول علاقة الحب بيني وبين ابني إلى تصريحات في التعبير عن الحب فهذه أكثر هدية سعدت بها!
أشعر أنني كأم لا انتظر من أبنائي أن يحتفلوا بي وإنما أنا من أود أن أحتفل بأمومتي لهم. أنا من أود أن يحتفل بجمال هذا اﻹحساس الفريد.. إحساس أن هذا الإنسان الذي يملأ الدنيا بهجة كان يوما ما يعيش بداخلي يسمع نبضات قلبي وأشعر بأدق حركات أطرافه.

 أنا من أود أن أحتفل بأمومتي ﻷنه لولاهم لما تعلمت مدى غلاهم في نفوسنا..

أنا من أود أن أحتفل بأمومتي لأنهم المعلم الأول الذي علمني معنى الاستمتاع بالحياة

أنا من أود أن أحتفل بأمومتي ﻷنه لولاهم لما شعرت بنعومة خدودهم وبراءة نظراتهم..

صحيح أننا كأمهات نعطي الكثير، ولكننا نعطيهم لنفيد أنفسنا قبل أن نفيدهم!

فرحة العيد..فرحة مستدامة..

حضرت احدى اجتماعات اﻷهل ممن تأصل في ثقافتهم الترنم باﻷهازيج.. التي كتب كلماتها أجدادهم ممن تمكنو من العلم المتصل باﻷسانيد.. وكان الحضور متمازجين مع هذه اﻷسانيد..مستطربين ليس فقط بألحانها التي ارتبطت معهم منذ الصغر بمناسبات الفرح..بل كذلك بمعاني كلماتها التي تصف رحمة الله وكرمه وتصف رحمته المهداة عليه الصﻻة والسﻻم وتبشر  بالخير وتحث على حسن الظن بالله.
فاستحضرت هناك كثير من الشعوب ارتبط الترفيه لديهم بهذه اﻷهازيج.. بل وما يعجبني هو أن أشاهد أن شعوب المسلمين على اختﻻف ثقافاتهم ولغاتهم لديهم حصيلة ثرية مما يسمونها “المدائح”.. وهي اﻷهازيج التي يترنمون فيها بجمال سيد الخلق الخلقي والخلقي..وبحرصه على أمته..وشفقته بهم. وبحظهم أنهم من اﻷمة المحمدية..وبحظهم برحمة رسول الله وحظهم بفضل الله أن أكرمهم بهذه الرحمة المهداة..

وبذلك صار الترفيه أكثر من مجرد استمتاع.. فالترفيه عن طريق الترنم بفضل الله وجمال تدبيره لخلقه يجعل النفس تتسامى.. وتصفو.. فصار للترفيه فائدة طويلة المدى..في الدنيا بما ستتركه من أثر على صفاء النفس.. وفي اﻵخرة ولك هنا أن توسع مجال فكرك في فائدته في تلك الدار..
هذه هي الاستدامة الحقيقية..أن تستمتع بما له أصل وجذر في حياتك.. وتستقطب كل خير فيه.. وتستخدمه بما سيخلف لك أثرا طيبا في ما سيقدم من أيامك..