استعدادات رمضان: أفكار لصنع “فانوس رمضان” مع أطفالك

كثير من الإرشادات والتعليمات والفوائد تريد أن توصلها لأطفالك عن رمضان، وأسهل الطرق عليك أن تحدثهم عن هذه الإرشادات والفوائد، ولكن للأسف هذه الوسيلة لإيصال المعلومة هي من أقل الوسائل تأثيراً على أطفالك. الغلابة سيسمعون منك بعد عدة أيام “قلت لكم ألف مرة، لكن ما في فايدة”! اليوم أريد أن أشارككم فكرتي في كيفية بث القيم الرمضانية في أطفالك بطريقة سهلة وممتعة والأهم أنها تضمن لك تأثرهم بهذه القيم لفترة طويلة. من أفضل الطرق لبث القيم في أطفالك هي أن تربطها بجو من “انفعالات البهجة”، فعلى سبيل المثال، عندما تريد أن تحدثهم عن القيم الرمضانية فابتكر لهم جو من البهجة والفرح برمضان، وادمج في هذا الجو القيم التي تريد أن تغرسها فيهم. فكرتي هي أن تزين المنزل بفوانيس رمضان، وهي سهلة الصنع، يستطيع أن يشاركك فيها حتى الصغار جداً من أطفالك. وصنع الفوانيس هو من التعبير الفني الذي يعتبر من الممارسات التي يستمتع بها معظم الأطفال خصوصاً إن لم تحكرهم في تصميم معين تلزمهم به، وإنما يستمعون بشكل أكبر عندما يجعلون العمل الفني الذي يمارسونه معبراً عن أفكارهم وأذواقهم. وفي هذا الجو من المتعة والاندماج، يمكنك أن تردد الأذكار التي تحب أن يرددوها في رمضان، أو تردد الأناشيد التي تحتفل باستقبال رمضان، ويمكنك أن تتحدث بجمل مختصرة ولكن مركزة عن الفضائل الرمضانية التي تريدهم أن يعرفوا عنها. وهنا أود أن أشارككم بعض الأفكار المتنوعة والسهلة التنفيذ في صنع فانوس رمضان، لخلق جو البهجة والفرح في المنزل مع أطفالك

ramadan1

فانوس رمضان

المصدر

هذه الفوانيس التقليدية، ولكن أعجبني فيها اختيار تصميم الورق المتناسق



ramadan6

المصدر

وهذا استخدام جميل ومتناسق للأوراق الملونة في صنع الفوانيس التقليدية



ramadan2

المصدر

وهذه فكرة جميلة لصنع فانوس من علب المشروبات الغازية، وهي وسيلة فعالة لتعليم الأطفال تدوير النفايات



ramadan5

المصدر

وفكرة أخرى لتدوير النفايات لصنع فانوس من علب المعلبات المعدنية

 

ramadan3 المصدر

 

ramadan4

المصدر

وهنا كيفية صنع نجمة يمكنك أن تعلقها مع الفوانيس

 

ramadan7

المصدر

وهذه فكرة لاستخدام المصابيح الصينية لصنع أجواء رمضانية!

 

ramadan23

المصدر

 

ramadan9

المصدر

أفكار لفوانيس جميلة توضع على الطاولات

 

ramadan10

المصدر

 

ramadan18

المصدر

 

ramadan19

طريقة صنع هذا الفانوس الجميل تجدونها في المصدر

 

ramadan20

المصدر

 

ramadan21

المصدر

أعجبتني هذه الفكرة الجميلة والبسيطة، استخدام الأكواب الورقية لصنع إضاءة توضع على الطاولة

 

التجارة تنشر الثقافة: بضائع “حق الليلة” تملأ الأسواق

حق الليلة


يتضايق الكثير من تحويل الاحتفال بـ “حق الليلة” من مناسبة اجتماعية ودينية إلى متاجرة بكل ما يمت الصلة بها. ولكني أحب كثيراً أن أرى أي بضائع تتعلق بثقافتنا تملأ الأسواق، خصوصاً إذا كانت هذه البضائع متعلقة بمناسبة فضيلة تعكس فضيلة دينية، وعادة اجتماعية جميلة.

قد تتفق معي أيها القارئ أن مناسبات الثقافات الأخرى قد وصلت إلى أسواقنا، فلا بد أن تجد في كل أنواع الأسواق التي نرتادها في بلادنا بضائع تعكس ثقافة أعياد الميلاد، والهالوين، بل وحتى رأس السنة الصينية، وقد يشتري المتسوق هذه البضائع وهو لا يعرف المناسبة التي تمثلها، قد يكون اشتراها لأنه أحب شكل الغزال الذي يسحب العربة فوق الجليد، أو لأنه يحب “القرع” أو لأنه يحب اللون الأحمر، ولكنه أخذ لمسة من الثقافة التي تمثلها البضاعة التي اشتراها، بل وسيمر عليها نظره كل يوم مادامت متواجدة في منزله.

فالآن عندما وصلت البضائع التي تمثل جوانب من ثقافتنا مثل الأكياس التي تستخدم في احتفالات حق الليلة، والأقمشة التي عليها النقوش القديمة وتلك التي عليها تصاميم “بوتيله”، والفوانيس التي تمثل شهر رمضان، والأعلام الإماراتية التي تمثل احتفالات اليوم الوطني، كل هذه البضائع تنشر للمتسوقين جوانب من ثقافتنا ارتبطت بفضائل سامية مثل الولاء للوطن وصلة الرحم، وإدخال الفرح على قلوب الأطفال والكرم والعطاء وغيرها من الفضائل المضمنة في مناسبة “حق الليلة” على سبيل المثال. وسيغمرني الفرح إذا رأيت عربياً أو آسيوياً أو أجنبياً يستخدم بضاعة تمثل هذه المناسبة، وسأفرح أكثر إن استخدم هذه البضاعة في بلاده، وسيتضاعف فرحي إن رأيته أهدى أصدقاءه شيئاً من هذه البضائع.

لو تفكرنا في كيفية انتشار الإسلام في العالم، نجد أن أكثر انتشاره كان عن طريق التجار الذين حملوا بضائعهم ليبيعوها حول العالم، فصارت البضائع ممثلة للعالم الإسلامي، بل وأن ذلك التاجر المسلم الذي يبيعها كان سفيراً لدينه عندما مارس نشاطه التجاري بأسلوب يمثل رقي الدين، بل حتى أن أكثر تركز للمسلين تجده في شرق آسيا، ومن المعروف لدى المؤرخين أن الإسلام لم ينتشر في تلك المناطق بالفتوحات وإنما عن طريق الدعاة المسلمين الذين مارسوا التجارة هناك، وهم في الأصل قد اتجهوا إلى تلك المناطق ليحملوا أرقى بضاعة، وهي نشر دين الإسلام، وكانوا خير ممثلين للدين بأخلاقهم، ثم ارتبطت بهذه الأخلاق البضائع التي كانوا يسوقونها في تلك البلدان.

واليوم إذا انتشرت البضائع التي تمثل ثقافتنا إلى العالم، لن يقتصر استخدامها على المشتري الذي استحسن ألوانها أو شكلها أو رواجها في الأسواق، وإنما سيأتي المؤرخون والمتبحرون في تخصصات مثل الأنثروبولوجيا والمهتمون بتاريخ الشرق الأوسط ليجعلوا أمثال هذه البضائع محاور أبحاثهم وستتركز أسألتهم عن الغرض الذي من أجله ظهرت هذه البضائع إلى حيز الاستخدام وستظهر في أجوبة هذه الأسئلة أنها تم تصنيعها لتخدم مناسبات بسيطة في مراسمها ولكن عميقة في معانيها وعالية في رقيها. ثم سيمتد تساؤل هؤلاء الباحثون إلى ارتباط أمثال هذه البضائع بالتفاصيل المادية المتعلقة بها مثل صلتها بمنطقتنا الجغرافية، وسبب اختيارنا للألوان التي تحملها هذه البضائع والمعاني التي تحملها النقوش التي تزينها وغير ذلك من التفاصيل الجميلة المرتبطة بهويتنا وثقافتنا، تماماً كما تم دراسة البضائع المصنعة من قبل الشعوب القديمة كالأطباق الصينية والأقمشة الهندية.

والآن أحب أن أعرض عليكم بعض صوراً لبضائع سعدت برؤيتها تتداول في الأسواق حتى وصلت إلينا، وقد التقطت هذه الصور من احتفالاتنا البارحة بمناسبة “حق الليلة”.

 

عطونا حق الليلة ٢٠١٣

ثلاثة أمور على كل والد أن يتعلمها

image

تعتبر ظاهرة تعلم كيفية تربية الأبناء ظاهرة حديثة، بل حتى أن كثيراً من الآباء يقولون “بنربيهم مثل ما ربونا أمهاتنا”، ولكن مهما صمدوا أمام هذا الواقع فسيظلون يطدمون بجدار مكتوب عليه: هذا الموقف لم تواجهه أمي عندما كانت تربيني. فأمه كانت تربيه مع من كان معها في الفريج أو الحي، ولكنه اليوم يربي أبناءه مع كل ما حوله في العالم من أجهزة لوحية وشبكات اجتماعية.
لا أستنقص من تربية أمهاتنا وحاشاهم من الجهل أو التقصير في تربية جيلنا بل ليتنا نتعلم من نواياهم الصالحة في تربية اﻷبناء. ولكنني أنتقد هنا المربين الذين يعيشون في واقع معطياته تتطلب أن يعرفوا المزيد من التفاصيل.
أصبحت مهارات تربية الأبناء مجالاً يحتاج إلى تعلم ودراسة لأننا نتعامل مع أبنائنا في زمن لم يحدث من قبل، ولم يتناقل أساليبه مجتمع سابق، فإن لم تعرف صوعك من بوعك فيه فإن أمواجاً متلاطمة من التوجهات التربوية ستشتت تفكيرك يمنة ويسرة، ولن تدري أتتبع كلام فلان الذي يقول اضربوهم، أم كلام علان الذي يقول أن الضرب جريمة يعاقب عليها القانون.

فأنت كوالد، من أين تبدأ لتعرف عن كيفية التعامل مع أبناءك؟

الخطوة اﻷولى: تثقف عن كيف ينمو طفلك
قبل أن تعرف كيف تتعامل معهم، فعليك أن تعرف من هم، وأعني بذلك أن تعرف كيف ينمو الأطفال جسديا، وعاطفيا وإدراكيا، ومعرفتك هذه ستجعلك تستمتع بهم إلى أقصى الحدود، لأنك عندما تراقبهم، فإنك تستمتع بتفاصيل ما تشاهده فيهم، ولأنك ستتفاعل معهم بمعرفتك بمراحل النمو التي يمرون بها. بعض المربين يعتقدون أن هذا الطفل الذي يبكي في لحظة ويضحك في اللحظة التي تليها هو لغز غامض لا يعرفون حتى كيفية التواصل معه، وبعضهم من شدة إحساسهم بالغموض يخافون من أن يقتربوا من الأطفال، بينما لو عرفوا عما يتعلق بالمراحل العمرية التي يمرون بها فإنهم سيدركون أنهم كتاب مفتوح، وللتعامل معهم مفاتيح عديدة في متناول اليد.

الخطوة الثانية: تعلم كيفية تحديد غايات طفلك
بعد ذلك تحتاج كمربي أن تعرف ما هي الغايات التي يريد أن يصل إليها الأطفال، والتي ستفسر لك سبب تصرفاتهم التي لا تعرف سببها ولا تعرف كيف تتعامل معها، فعلى سبيل المثال، الطفل الذي يسألك سؤالاً فوق العشرين مرة بشكل مزعج ومتتال يبدو عليه أنه طفل يتفنن في كيفية إزعاجك، بينما هو إنسان يريد بعض اهتمامك، وطفلك الذي يعاندك ليلبس في كل مشوار نفس القميص، هو طفل يريد أن يترجاك ليشاركك في اتخاذ قرارات تخصه حتى يشعر بأن له سلطه على أمور تتعلق به. عندما يتعلم المربي الرغبات الأساسية التي سيسعى إلى تحقيقها طفله سواء بالسلوكيات الإيجابية أو السلبية فإنه سيتمكن من الاستجابة لمعظم أنواع السلوكيات التي تظهر من أبنائه بما فيها الكذب والسرقة والعدوانية والعناد والحركة المفرطة والكسل وهلم جراً.

الخطوة الثالثة: هيئ نفسك ﻷن تكون المعلم اﻷساسي
وبما أن المربي هو المدرسة الأولى والأخيرة للطفل فإنه يحتاج إلى معرفة أساسيات أساليب التعليم مثل أن يعرف الألعاب التي تحفز لدى الطفل المهارات الإبداعية، والألعاب التي تعزز لديه المهارات المنطقية، وكيفية اختيار القصص والكتب المناسبة. ثم سيحتاج كذلك إلى معرفة كيف يتعلم الأطفال القراءة والكتابة ومهارات الرياضيات والأساليب التي سيتعلم الطفل ذلك من خلالها بعيداً عن التلقين وأقرب إلى البحث والاستكشاف والاستنتاج، والتي ستكون أغلبها أساليب أقرب إلى اللعب منها إلى الدراسة.

الطريق المختصر: وسع شبكة مصادرك
الوسيلة الأقصر لكل ذلك هو أن تعرف أين تجد المصادر التي ستعلمك كل هذه المهارات. بما أننا نعيش في عصر المعلومات، فالمصادر باتت أقرب إليك من باب منزلك. بل أن هناك بعض مواقع الانترنت التي تفننت في توفير المصادر التي تحتاج إليها إلى درجة أنها عرّبتها لك مثل موقع babycenter.com. ستحتاج كذلك إلى معرفة المصادر التي ستوفر لك الاستشارات المتخصصة، فعليك أن تعرف عن المراكز المتخصصة في منطقتك التي تقدم هذا النوع من الخدمات في حالة احتجت إليها يوماً ما، مثل أن تقابل الاختصاصي النفسي، أو المختصين في تقييم الاضطرابات السلوكية واضطرابات النمو أو صعوبات التعلم. تحتاج كذلك أن تتعرف على المراكز التي تقدم المحاضرات وورش العمل عن كيفية التعامل مع الأبناء، لأنك ستجد فيها عند اختلاطك بأصحاب الخبرة والتخصص فائدة غير موجودة في الكتب أو في مواقع الانترنت. وفي تحديدك للمصادر، من المهم أن تتفحص مصداقية المصدر الذي تحصل منه على معلوماتك، مثل أن تتحقق من كفاءة المصدر العلمية والمهنية، فعلى سبيل المثال، إذا احتجت أن تأخذ ابنك إلى الاختصاصي النفسي، فمن المهم أن تعرف عن رخصته في مزاولة هذا المجال، وفي مثال آخر إذا قرأت معلومة في شبكة اجتماعية فعليك أن تتحقق من مصدرها ومن الدلائل العلمية التي تستند عليها.

والآن أيها القارئ الكريم، أريد منك أن تقارن بين مربٍ أخذ تربية أبنائه بهذه الجدية التي ذكرناها والمتعة والسلاسة التي سيعيشها في علاقتها مع أبنائه وبين مرب تعامل معهم على أن وجودهم في حياته تحصيل حاصل أدى به إلى أن يستنتج أن الطريقة الأمثل هي أن يربيهم كما ربته أمه، ولا أنتقد تربية أمه ولكني أنتقد أنه لا يعرف غيرها بل حتى لا يعرف كيف يستخدمها. وسيسعدني أن أعرف عن رأيك في هذين المربيين.

كيف تعرف أنك أصبحت “مهووساً”؟

هل تعرف  ذلك الشعور الذي يراودك عندما تستيقظ من النوم وتشعر بالسعادة لأنك أنهيت نشاطاً ممتعاً كنت تمارسه، ثم تستوعب أنك لم تكن تقوم بشيء لأنك للتو استيقظت من نومك ثم تستوعب أن ما كنت تقوم به كان مجرد حلم جميل.

كان هذا حالي اليوم، عندما استيقظت كنت أشعر أنني كنت أمضي وقتاً ممتعاً مع أحدهم، وكانت تجول في ذاكرتي أنني كنت أتحدث مع ذلك الشخص، ومن شدة تغلغل تلك اللحظة في ذاكرتي حاولت أن أجمع تركيزي لأميز إن كان ذلك حقيقة أم حلماً، وبعد أن صحصت وجاء ابني وأخذني عنوة إلى أرض الواقع لأنه يريدني أن آخذه إلى الحمام ولأنه يصر أن يلبس قميص “المنكي” لم يترك لي فرصة في أرض الأحلام.

المهم، ما أدهشني هو أنني أتذكر أنني كنت أكلم شخصاً ما في الحلم عن أهمية الطفولة المبكرة، وكنت أكلمه بتفصيل شديد، وكنت أذكر له أرقام ومعلومات تفصيلية، وكنت مستمتعة جداً بحديثي معه لأنني كنت أشعر بالجدية وكأنني أعطي له تعليمات وخطوات عملية لخطوات يجب تنفيذها.

طبعاً لن أذهب إلى الشيخ قوقل وابحث عن تفسير هذا الحلم، ولكنه أعطاني تنبيه لشيء لم يخطر ببالي من قبل. أعلم أنني أحب الأطفال، بل أعشقهم، وأستمتع بأن أبحث في تفاصيل ما يتعلق بهم، وأستمتع بمشاهدتهم وهم يلعبون، وأستمتع بتصويرهم والتقاط أجمل حركاتهم العفوية، وأتفنن في ما سيمتعهم من ألعاب وأنشطة، ولكن الذي لم أنتبه له هو أنني لست مهتمة بهم فحسب، وإنما “مهووسة” بهم، لدرجة أن تظهر تفاصيل دقيقة من اهتمامي بهم في أحلامي. لم أكن أعرف أنني أحب هذا المجال لهذه الدرجة، ولكن يبدو أنني ارتبطت به عاطفياً بشكل كبير. وتفسير ظهور هذا الهوس في أحلامي يبدو لي الآن منطقياً جداً، فلو كانت جل يقظتي تمر وأنا أفكر فيما يتعلق بالأطفال، فلن يسلم من هذا الهوس منامي وأحلامي. بل وإن كانت مشاعري وخاطري متعلق بهذا الأمر فبالتأكيد لن يستولي على أحلامي سوى ما عشعش في باطني.

مرة أخرى سأكررها: أحب الأطفال وكل ما يتعلق بهم.

ليس لأنهم رمز الجمال والطهارة والعفوية، بل لانني أتشرف بأن أخدمهم، لأنهم يستحقون ذلك بل وأكثر.

عيد اﻷم: أنا من ستحتفل بأمومتها

mothers_day

أهداني طفلي ذو السنتين في عيد الأم الذي كان قبل عدة عدة أيام هدية لامست شغاف قلبي.. بل وجعلت شعر جسمي يقف من شدة المفاجأة.
كنت مندمجة أمام شاشة الكمبيوتر ومنزعجة من كثرة ثرثرته من حولي لأني كنت أريد التركيز فيما كنت أقوم به.  أتاني بكل عفوية ومن دون أي مقدمات وسألني بكل جدية: “ماما تحبيني؟” ارتفعت أصابعي من فوق لوحة المفاتيح من المفاجأة التي عندما أفقت منها رميت بالجهاز المحمول  من على حجري وسحبت ابني بقوة إلى حضني وضممته بشدة وأنا أقول: طبعا أحبك.. كيف ما أحبك!
أن تتحول علاقة الحب بيني وبين ابني إلى تصريحات في التعبير عن الحب فهذه أكثر هدية سعدت بها!
أشعر أنني كأم لا انتظر من أبنائي أن يحتفلوا بي وإنما أنا من أود أن أحتفل بأمومتي لهم. أنا من أود أن يحتفل بجمال هذا اﻹحساس الفريد.. إحساس أن هذا الإنسان الذي يملأ الدنيا بهجة كان يوما ما يعيش بداخلي يسمع نبضات قلبي وأشعر بأدق حركات أطرافه.

 أنا من أود أن أحتفل بأمومتي ﻷنه لولاهم لما تعلمت مدى غلاهم في نفوسنا..

أنا من أود أن أحتفل بأمومتي لأنهم المعلم الأول الذي علمني معنى الاستمتاع بالحياة

أنا من أود أن أحتفل بأمومتي ﻷنه لولاهم لما شعرت بنعومة خدودهم وبراءة نظراتهم..

صحيح أننا كأمهات نعطي الكثير، ولكننا نعطيهم لنفيد أنفسنا قبل أن نفيدهم!

غلطتي الجميلة

image

خضت مقابلة قبل فترة لأقدم على منحة دراسية. وسألتني اللجنة مجموعة من اﻷسئلة التي وضعتني في موقف صعب لاختبار نفسي في مدى معرفتي بخباياها مثل مواطن الضعف ومواطن القوة والقدرات. والاختبار  بالنسبة لي لم يكن في معرفتها وحسب وإنما في التعبير عنها في جمل واضحة وتفصيلية بل وحتى مع استحضار أمثلة ودلائل على ذلك.
وكانت من ضمن اﻷسئلة ما هي اﻷخطاء التي ارتكبتها وتعلمت منها. وكان فهمي للسؤال على أنه: ما هي اﻷخطاء التي سعدت بارتكابها. فاجأتني نفسي عندما ابتسمت ابتسامة عريضة وأجبتهم عن تجاربي بكل سعادة وحماس وكأنها ذكريات جميلة أو كأنها إنجازات افتخر بسردها ورويت لهم أخطائي التي لولاها ما انفتحت لي أبواب واسعة.
تذكرت هذا الموقف اليوم لأنني ارتكبت البارحة خطأ جميلا جعلني اتوقف متأملة مهاراتي وعازمة على تطوير بعضها. كنت في مقابلة مع سيدة فاضلة مختصة في اﻷداء الحكومي. وكنت أود أن أسألها عن اﻷنظمة اﻹمارتية وكيفية عملها. وأرادت أن تساعدني ولكنها لم تستطع ﻷن الخطأ الذي ارتكبته هو أن أسئلتي كانت “عامة” وهذا اﻷسلوب في طرح اﻷسئلة لن يشعر متلقي السؤال بالارتياح ﻷن السؤال العام تصعب اﻹجابة عنه في رد موجز إضافة إلى أنه لن  يزودني بمعلومات مفيدة.
واﻵن قررت أن أجهز نفسي قبل أي مقابلة أعقدها بأن أحدد أسئلة تفصيلية انتظر منها أجوبة تخبرني عن أماكن وأسماء وخطوات يمكن اتباعها.
الشاهد من هذه التجربة أنني سعدت بأنني تعلمت هذا الدرس المهم، قد يعني ذلك أنني سعيدة بارتكابي لهذا الخطأ، وبذلك فلن أسميه خطأ، ولن أسميه محاولة، وإنما قد ينطبق عليه مسمى “خلاف التوقع”،  وهو مسمى جميل لأنه لن يحصرني في نتائج ما أقوم به بين صحيح وخطأ وبين أبيض وأسود، وإنما هناك نتيجة في تصوري وهناك نتائج كثيرة في تصور غيري، وهذه الاختلافات هي في ذات الوقت فرص لمسارات وخيارات كثيرة، تزيل عني صعوبة الانحصار في المحدود.
هذه المرونة جعلتني أدرك أنها ستطور لدي مهارات الاستماع إلى الآخرين، لأنني أعلم أنه ليس ما لدي صواب لا يحتمل الخطأ وأنه ليس ما لدى غيري خطأ لا يحتمل الصواب. أدركت كذلك أن الاختلافات التي سأواجهها ستفتح أمامي أبواباً من الخيارات المتعددة، لأنه  إن خالفني غيري بأمر ما، فإن خلافه فكرة جديدة أضيفها إلى صندوق عدتي، وهذا الإثراء هو نقيض لرفض الاختلاف من البداية.
كانت تلهمني دائماً قصة التلميذ الذي أتى إلى شيخه وقد صنف كتاباً عن الأقوال المختلفة بين الفقهاء، وأخبره أنه سيسميه كتاب “الاختلاف”، فقال له شيخه: “بل سمه كتاب السعة”، فعندما يختلف فقيه في اجتهاده مع آخر فإنه بذلك لم يعارضه، وإنما أضاف خياراً لمن سيتبعه من الأمة.

عدواني أم منفعل؟

Funny_Face_by_TimelessImages

ابني عمره سنتان ونصف، وقد تكرر منه ضربه للأطفال الآخرين. وضع كهذا في منزلنا الذي تتكرر فيه زيارات الخالات والعمات يعرضني لمحاضرات مكثفة عن ضرورة عقابه وتأنيبه وأنأفكاري التربوية تثبت خطأها بل وأن تهاوني في عقابه من وجهة نظرهم يثير أعصابهم.
والطريف أن لدينا في مجتمعنا اعتقاد بأن الطفل إن أخطأ فإنك ستقوم خطأه بالعقاب والتأنيب، وذلك لأن هذا الأسلوب يؤدي إلى الإيقاف المباشر للخطأ، ولكن السؤال المهم الذي سيأتي بعد أرحت أعصابك بعقاب الطفل هو هل سيؤدي هذا الأسلوب إلى تطوير سلوكه؟ وهل يؤدي فعلا إلى أن يتوقف الطفل عن الضرب والانفعال غدا وما بعده؟
سأدعوكم الآن إلى الوقوف بجانبي ومشاهدة موقف الضرب من زاويتي.
كان ابني يطالع كتاباً، ثم تركه وذهب ليرى شيئاً آخر، وعندما عاد وجده مع طفلة أخرى، ولنسمها شيماء، نظر إليها ابني للحظات ثم صفعها، ثم بكت، فصفعها مرة أخرى.
هل تتوقعون أن النمو اللفظي عند ابني متطور بدرجة أن يقول لشيماء: هذا كتابي ولا أريدك أن تأخذيه؟ أم أن نموه العاطفي متطور لدرجة أن يستوعب في حالة اندهاشه أن كتابه قد أخذه طفل آخر أنه سيتحكم في أعصابه وسيقول لها: لو سمحت أعطيني الكتاب؟
فهل أعاقبه لأن نموه لم يتطور إلى هذا المستوى؟
ولكنني أرى أن هذا الموقف فتح لابني نافذة ليتعلم من خلالها التعبير باللفظ لا بالضرب ويتعلم التحكم في انفعالاته. فحينها سأنزل للجلوس بمستواه بجانب شيماء وأسأله عما يريد، فإن لم يكن قادراً على التعبير عما كان يريده فسأسأله إن كان يريد الكتاب من شيماء، فحينها سأمثل له الدور الذي أريد منه أن يطبقه، وسأصيغ العبارات التي أريده أن يستخدمها عندما يتعرض لهذا الموقف مستقبلاً وسأقول لشيماء: لو سمحت (وقد أكررها) أعطيني الكتاب، وسأصيغ المشاعر المتداولة في الموقف في عبارات يستطيعون استخدامها مستقبلاً مثل أن أقول لابني: أنت “معصب”، وشيماء “زعلانة” وتشعر بالألم، وهي الآن تبكي. كل هذه خطوات أسعى إليها لتكوين لديه ذكاء عاطفي سيجني به الكثير مستقبلاً.
والآن أريد منكم أن تتحولوا معي لتروا الموقف من زاوية الطفل لو تعاملت معه بمبدأ العقاب والتأنيب.
سيأتي هذا الشخص الكبير وسيقف فوقي والمسافة بيني وبين رأسه ما يقارب المتر وكأنه عملاق، وسيتعامل معي بغضب، إذاً بما أن هذا الكبير استخدم هذا الأسلوب معي فسأستخدمه أنا كذلك في المرات القادمة. والأفضع هو أنه إن ضرب الكبير هذا الطفل فسيتأكد لديه أن الضرب وسيلة مشروعة في المجتمع، فأنا والجميع كلنا نضرب. والآن سيأتي هذا الكبير ليعاقبني، ولا أعرف بالضبط ما هو الشيء الذي فعلته لأستحق العقاب، لذلك فأنا إنسان سيء ولذلك أستحق العقاب، وهذا سبب مبرر يجعلني أكرر ضرب الأطفال الآخرين لأنني سيء وهذا ما أقنعني به غيري.
كل ما ذكرته هو شرح للموقف فقط. ولكن هناك الكثير مما يمكني فعله لأهيئ المكان الذي يلعب فيه هؤلاء الصغار ليقلل من التشابك العدواني، بل وهناك أيضاً ما أفعله تجاه الطفلة المتضررة لأعلمها كيف تحمي نفسها مستقبلاً من أي اعتداءات مشابهة.
إن اعتبرت أن ابني لن يستفيد من أسلوبي معه، لكني بالتأكيد لا أريد ذلك اﻷثر السلبي الذي سيخلفه عليه العقاب والتأنيب. قد لا أجني بهذه الخطوات نتيجة سريعة ولكني متأكدة أنها ستؤدي بابني إلى بناء ذكاء عاطفي يتعلم به كيف يميز عواطفه ويتعاطف مع غيره