تحديد الأهداف والاتجاهات

يواجه بعض الراغبين في إكمال دراستهم والدخول بشكل أعمق في المحيط الأكاديمي أن يكونوا غير متأكدين من التخصص الذي يودون أن يدرسونه. وقد يواجه أحدهم أن يأتي البعض ليحبطوه ويقولون له أنه يفكر بشكل عام جداً وأنه مجرد شخص متحمس يريد أن يكمل دراسته. بالفعل،  قد تكون شخصاً تفكر بشكل عام، ولكن حتى تبدأ بالتعمق حتماً ستبدأ من مكان عام فضفاض، وبعد ذلك ستختار اتجاهك فيه، ربما لا تعرف الوجهة التي تريدها، ولكنك بطريقة أو بأخرى ستختار وجهة معينة.

بناء على ذلك، إن كنت، أيها الراغب في إكمال دراستك، تشعر بأن أهدافك فضفاضة وغير محددة وأنك محتار في نوع التخصص الذي تريد أن تتعمق فيه، فأنصحك أن تبحث عن خدمات استشارية (من قبل حاصلين على تراخيص في هذا المجال). سيساعدك هؤلاء المتخصصون على تحديد تفضيلاتك وتحديد أهدافك ووجهاتك بناء على خبراتك السابقة، وطبيعة شخصيتك، ودوافعك. غالباً ما تكون هذه الخدمات متوفرة في الجامعات، ويقدمها متخصص يسمى career counselor وهو شخص يجلس معك على انفراد ليساعدك على أداء المهام الذي ذكرتها سابقا. بناء على خبرتي في الدراسة في الإمارات، فإنني أعلم أن جميع الكليات والجامعات الحكومية لديها هذة الخدمة، والأرجح أن الجامعات الخاصة المرموقة توفرها كذلك.

إن لم تستطع الوصول إلى career counselor أو كان هذا الشخص المتواجد في الجامعة أو الكلية التي تدرس فيها غير مفيداً لما تريد أن تحققه، فابحث عمن يقدم هذه المهمة في القطاع الخاص، قد تكون أسعارهم مرتفعة، ولكن إن كنت مقتدراً على دفع هذا المبلغ فإنها تجربة لن تندم عليها، باستثناء إذا قابلت استشارياً غير مؤهل لتقديم الاستشارات في هذا المجال، حينها ستندم لأنك قابلت شخصاً غير كفؤ لأن تبذل له مالك ووقتك.

إن لم تستطع الوصول إلى أي career counselor فاقرأ بكثرة في مجال career planning، وستجد من المصادر المطبوعة والالكترونية الكثير. في الواقع، أنصحك بأن تستخدم الخبرات الموجودة في هذة المصادر حتى إن وجدت career counselor في جامعتك أو في القطاع الخاص، فالجمع بين هذين المصدرين سيثري مهارتك في تحديد اختياراتك وأهدافك.

في تجربتي الشخصية، بالرغم من أنه لم تراودني فكرة اكمال دراسة الدكتوراة إلا في نهاية مرحلة دراستي للماجستير، إلا أنني زرت الcareer counselor في جامعة زايد (الجامعة التي تخرجت منها) عندما انتهيت من دراستي لدرجة البكالوريوس، وكانت من الزيارات التي علمتني أحد أهم الدروس في الحياة المهنية ألا وهي كيفية كتابة السيرة الذاتية. كانت تلك الجلسة هي التي عرفتني على أن السيرة الذاتية هي الألوان والخطوط التي ترسم صورتك في ذهن من سيقرأها، سواء كان قارئها مدير توظيف أو مسؤول القبول في الجامعة، أو شخص يريد أن يبني معك علاقة مهنية. استنتجت أن السيرة الذاتية هي الركن الأساسي في عملية التقديم على الوظيفة والمنحة والقبول الدراسي. تعلمت أنه علي أن أضع اعتباراً لكل عمل أو دور قمت به سواء كان تطوعياً أو بمقابل مادي . وبالتأكيد سيرتي الذاتية يجب أن لا تكون مشابهة لأي سيرة ذاتية أخرى كما أن صورتي ليست نسخة عن صورة امرأة أخرى.

من الأمور المهمة التي يجب أن تضعها في اعتبارك يا من تحلم بأن تكمل مسيرتك التعليمية أن سيرتك الذاتية ليست ورقة تكتبها في يومين، أو أسطر وفراغات تعبئها بكلمات تتكرر في السير الذاتية، وإنما عليك منذ اللحظة التي تدرك فيها أنك بدأت تحلم في إكمال دراستك أن عليك أن تبدأ في أن بناء سجلك المهني.

باختصار، السيرة الذاتية الجيدة لا تُكتب في يوم وليلة، وإنما تكون نتيجة لتراكم الإنجازات. تذكر أن هذه الإنجازات لا يجب أن تكون كبيرة ولها عناوين رنانة، وإنما أي دور أديته وأضاف إلى خبرتك فيمكنك تدوينه. المهم، كتابة السيرة الذاتية هو فن تنتقي فيه كلماتك وعباراتك حتى ترسم صورتك المشرقة في ذهن من يقرأها حتى يتمنى أن تعمل معه أو تعمل لديه.