رد على مقال: “بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان”

في تاريخ 5 مايو 2016، نشرت جريدة الاتحاد مقال للأستاذ أحمد أميري بعنوان “بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان”، وأود أن أردف مقاله بوجهة نظري.

هنا رابط مقال الأستاذ أحمد أميري http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=89344

عندما نتحدث عن العلوم، وبالتحديد الرياضيات والتكنلوجيا والعلوم التطبيقية، فإننا ندرك أنه لا مجال لنا أن نتفوق في هذا الزمن إلا بالمعرفة، لأن المعرفة صارت سلعة اقتصادية تقوم عليها رؤوس أموال العصر الحالي. ولكن كما قال أحمد أميري، فالتفوق وحده في هذه العلوم لا يكفي لبناء بنية تحتية معرفية.

عندما كان الاقتصاد يعتمد على ما جاء من بعد الثورة الصناعية، كانت المؤسسات التعليمية تخرّج “عمالاً” يحركون المصانع ويديرون المكاتب. ولكن بعد أن جاءت الثورة المعلوماتية، فإن مهمة المؤسسات التعليمية تحولت من أن تخرج عمالاً إلى أن تخرّج “مبتكرين”، لأننا الآن لسنا في حاجة إلى مصانع، فالمصانع تم تحويلها إلى الصين والبرازيل، ولكننا بحاجة إلى حاضنات ابتكار ومن يعمل فيها هم ليسو ممن تدرب على الإدارة المصنعية والمكتبية، وإنما من تدرب على المساهمة في “اقتصاد قائم على المعرفة”.

الاقتصاد القائم على المعرفة يعتمد على مهارات العلوم والرياضيات، ولكن من المهم أيضاً أن يكون لدى العاملين في هذا النوع من الاقتصاد مهارة “الانفتاح على حل المشكلات”، وهي أن يكون المتعلم متحفزاً لأن ينظر في الحلول الغير معتادة لديه، وأن تكون لديه قابلية الاستعداد لهذا التحدي، بل وأنه يستمتع بمثل هذا التحدي.

يحتاج المتعلم كذلك إلى مهارات “التعلم مدى الحياة”، وهذا يعني أنه حتى لو تفوق في العلوم والرياضيات فإن مهارة التعلم مدى الحياة تحتّم عليه أن يستمر في تعلم العلوم والرياضيات مدى الحياة لأن هذه المهارة تكسبه كذلك نظرة أن ما تعلمه هو ليس عبارة عن قواعد ثابتة، وإنما قواعد متغيرة قد تكون ملائمة لزمان ومكان ما وغير ملائمة لغيرهما.

ومن المهارات التي يبدو أننا لا نعيرها اهتماماً كبيرا ولكنها ضرورية لاقتصاد قائم على المعرفة هي أن يتدرب المتعلم على مهارات “ريادة الأعمال”. نعم، بالعلم وحده لا يتفوق الإنسان، لأننا للأسف  لسنا نرى المعرفة على أنها غاية يجب أن نصل إليها، وإنما على أنها وسيلة إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وفي هذه البيئة الاقتصادية يجب على المتعلم أن يعرف كيف يغامر بمعرفته، وكيف يفكر في جوانب تأثيرها، وكيف يفكر في كيفية نشرها وتسويقها.

طرح أحمد أميري أسئلة كثيرة في مقاله والتي أعتقد أن الأبحاث المهتمة في موضوع الاقتصاد القائم على المعرفة تشاركه كثير من هذه التساؤلات، ولكني أعتقد أن السؤال الذي نحتاجه اليوم هو: إن كنا قد أعلنا عن التزامنا باقتصاد قائم على المعرفة، فما الذي نحتاجه في بيئاتنا المحلية لنعد الكوادر التي ستساهم في هذا الاقتصاد؟

العلاقات.. ثم العلاقات.. ثم العلاقات..

كنت أظن أن التقديم للالتحاق بالبرامج الأكاديمية هو مجرد تعبئة طلب الكتروني وإرفاق التقارير والمستندات المطلوبة ومن بعدها انتظار الرد من منسق/منسقة البرنامج وكان هذا الاعتقاد هو سبب عدم نجاحي في الحصول على قبول أكاديمي من بعض الجامعات. أدركت بعدها أن التواصل مع منسقة البرنامج لمتابعة وصول التقارير والمستندات المطلوبة هو من أهم أسباب النجاح في الحصول على قبول أكاديمي.

في كثير من الأحيان يكمل المتقدم الطلب ويرفعه ويدفع الرسوم المطلوبة لتقديمه ويظن أنك انتهى، بينما في الواقع هناك بعض الأوراق التي يجب أن تتأكد من وصولها لدى المنسق، وفي حالة عدم توفرها، تعتبر المنسقة أن ملفك غير كامل ولن تحوله إلى لجنة القبول، وكأنك يا زيد ما غزيت.

بجانب أنه يمكنك أن تتأكد من اكتمال أوراقك وجاهزية ملفك لأن ينتقل إلى لجنة القبول، فإنك كذلك يمكنك أن تستشف من المنسقة عن مدى فرصتك في الحصول على قبول من جهتهم. بالإضافة إلى ذلك، اتصالك بالمنسقة يوحي بجديتك في الرغبة بالالتحاق بالبرنامج، وتتحول من أن تصبح مجرد اسم على ملف إلى شخص له رغبة وجدية في الدراسة، وهذا قد يجعل المنسقة تتعاطف وتتعاون معك في تحويل ملفك إلى لجنة القبول.

من الطرائف التي صادفتني في تواصلي مع منسقي البرامج والتي أكدت لي أهمية هذه الخطوة، هو أنني اتصلت يوماً بأحدهم وعندما أجابت الهاتف أخبرتني بأن اللجنة منحت قبولاً أكاديمياً لعدد محدود من الطبة وأنني لست من ضمنهم، وأنها ستتجه بعد أن تنهي مكالمتها معي لتوقع على هذه النتيجة. ثم قالت، بما أنك اتصلت، فلا بأس من أن أسألك بعض الأسئلة، وقامت بطرح أسئلة تتعلق باهتماماتي البحثية والباحثين الذي أرجع إلى كتاباتهم. العجيب أنها في خلال تلك المكالمة غيرت رأيها في رفض طلبي للالتحاق ببرنامجهم إلى منحي قبولاً أكاديمياً من قبلهم. قدر الله أن لا اختار هذه الجامعة لالتحق بها والتحقت بجامعة أخرى، ولكن كان هذا الموقف أحد المواقف التي لن أنساها لفترة طويلة من حياتي، وهو أن اتصال هاتفي قد يغير القرارات لدى المسؤولين.

التواصل الآخر الذي يمكن أن يرجّح كفة فرصتك في الحصول على قبول أكاديمي من برنامج معين هو أن تتواصل مع الدكاترة والمدرسين في هذا البرنامج وتذكر لهم أنك قمت بالتقديم لبرنامجهم وأنك تود أن تساهم في أعمالهم البحثية. حتى تتمكن من القيام بهذه الخطوات يجب أن تكون قد قرأت مسبقاً عن هؤلاء الدكاترة واهتماماتهم البحثية، واحذر من أن تختار أحدهم عشوائياً، فكما أخبرتك، هو حساسون للسطحية والعمومية، ويجذبهم الحديث عن التفاصيل، مثل ذكرك عن مهاراتك التي قد تسهم في نجاح أعمالهم البحثية.

أما إن استطعت أن تكون علاقة ممتدة مع أحد هؤلاء الأساتذة من وقت مبكر لتقديم طلبك، فإن ذلك قد يسهل عليك كثيراً عملية التقديم، مثل أن يدلك الأستاذ على المستندات والتقارير المطلوبة أو أن يدلك على كيفية ترشيح كفة فرصك في الحصول على قبول في برنامجهم. لماذا هي العلاقات مهمة في هذا الجانب؟ من نظرتي الشخصية، أرى أن لجنة القبول يهمها أن يكون الطالب الذي سيقبلون بالتحاقه إلى برنامجهم هو شخص يثقون بأنه لن يثقل عاتقهم بأن يرسب في بعض المواد أو يسبب لهم بعض المشاكل، بل يريدونه عضواً فعالاً في فريقهم وفرداً جديراً بالثقة في عائلتهم الأكاديمية، فإن كانوا يعرفونك بشخصك عوضاً عن أن يعرفوك بمجرد النظر في ملفك، فإن ذلك سيسهل عليهم اتخاذ قرارهم.

تقديم طلب القبول

بعد أن يقوم المتقدم باختيار الجامعات التي يرغب بالانتساب إليها، يقوم بتعبئة طلب للحصول على “القبول الأكاديمي” والذي إن أصدر من قبل الجامعة، يقوم الطالب بإجراءات التسجيل في تلك الجامعة إن رغب في الالتحاق بها. الوضع المثالي هو أن يحصل المتقدم على قبول أكاديمي من عدة جامعات ثم يختار منها الجامعة التي سيكمل فيها دراسته.

بطبيعة الحال، سيرفق المتقدم بالطلب سيرته الذاتية والتي تحدثت سابقاً عن أهمية كتابتها بانتقاء شديد لمحتواها. من المرفقات ذات الأهمية التي يجب أن يكتبها المتقدم باهتمام هو المقال الذي يطلق عليه Statement of Purpose.

يعبر الطالب في هذا المقال عن رؤيته وأهدافه من إكمال دراسته الأكاديمية، وبالتحديد إكمالها خلال البرنامج الذي تخاطب في الجامعة أو البرنامج من خلال هذا المقال. الطريف في الموضوع هو أن البعض قد يعتقد أنه من الممكن أن يوكل شخصاً ما ليكتب له هذا المقال مثل أي بحث يكتبه لمساق دراسي، ولكن النقطة الحرجة في ذلك هو أن قارئ هذا المقال يمر على عشرات المقالات من أمثالها ويستطيع أن يشم رائحة الكذب إن وجدت.

كذلك لا يكفي أن تكون صادقاً في كتابتك للتقرير بل وإنما عليك أن تظهر لهم أفضل ما لديك، بل ما يميزك عن غيرك والذي سيجعلهم يحرصون على أن يقبلوك في برنامجهم. كتابة مثل هذا المقال مجهدة في البداية لأننا للأسف في كثير من الأحيان لا نعرف أفضل ما لدينا من مهارات ومميزات، بل لا نعرف أهدافنا التفصيلية، أو ربما نعرفها ولكن لا نعرف كيف نتحدث عنها. كتابة هذا المقال اضطرني إلى أن أغوص في غمار ذاتي لأستكشف تفاصيل مميزاتي وخصائصي التي أتفرد بها عن غيري. كذلك اضطرني إلى أن أصيغ أهدافاً محددة وأصيغها بلغة واضحة وعميقة في معناها. بعد ذلك كثرة مراجعتي وتعديلي للمقال جعلني أحفظ ما كتبت حتى أنني أستطيع أن أردده عند حديثي مع شخص آخر بأسلوب واثق وواضح ومسترسل.

كما أن السيرة الذاتية هي الصورة التي أرسمها في ذهن من يقرأها، فإن هذا المقال هو الصوت الوجداني والفكري الذي أكمل به سيرتي الذاتية، وهو مهم جداً في التأثير على لجنة القبول في البرامج الأكاديمية. قد يكون الطالب غير متميز أكاديمياً، وقد لا تكون سيرته الذاتية حافلة بالإنجازات، ولكن تقريره قد يبين مدى جديته وحرصه على الالتحاق بالبرنامج الذي يتقدم إليه وقد يبين كذلك الإضافة المميزة الذي يمكن أن يضيفها كطالب في هذ البرنامج بالتحديد، إضافة تتميز عما قد يضيفه أي طالب آخر.

كنت حريصة كل الحرص على إتقان كتابة هذا المقال، فاستعنت بمن أستطيع أن أصل إليه من

 advisors و counselors لأنقح التقرير الذي كتبته، فلفتت انتباهي أحدهم إلى أن هذا التقرير هو فرصتي لأن أتحدث عن نفسي وعن أفضل ما أحمل من مميزات وأنه في الواقع لا تتاح لنا كثيراً فرصة أن نتحدث عن أنفسنا ونفصل للآخرين أفضل ما لدينا، ولكن هذا التقرير هو فرصة مثالية لنعبر عن هذه المميزات ونعرضها بكل ثقة ووضوح وتفصيل، وهو إحساس جميل أن تجد من فرغ وقته ليستمع إليك وأنت تصف ذلك.

 

كتابة Statement of Purpose من الأمور التي تجعلني أؤكد أن الخوض في تجربة التقديم للدراسة مفيدة جداً حتى وإن لم تنجح فيها، على الأقل إن كانت سبباً يجعلك تكتب تقريراً تحدد فيه رؤاك وأهدافك وتتحدث فيه عن مزاياك ومهاراتك، وهي خطوة ستفيد فاعلها على مدى الحياة، سواء أكمل دراسته أم لم يكملها.

اختيار التخصص والجامعة

بعد أن يتحول الراغب في إكمال دراسته من العمومية في أحلامه وخيلاته إلى تحديد أهدافه وتوجهاته، فإنه سيسهل عليه أن يحدد التخصص الذي يريد أن يتعمق فيه، وذلك سيسهل عليه أيضاً عملية اختيار الجامعة أو البرنامج الأكاديمي الذي سيلتحق به.

في تجربتي الشخصية، عندما اتفكر في اهتماماتي، يقودني تفكري دائماً إلى أن مكاني هو في الحقل التربوي، قد لا يكون بالضرورة في حقل التدريس، ولكن دائماً ما يهمني ويشغل حيزاً من تفكيري أن أخدم المتعلم، والمتعلم في نظري هو كل إنسان، وليس فقط من جلس على مقعد الدراسة، فالناس مهما اختلفت أعمارهم وثقافاتهم فإنهم يتعلمون شيئاً ما كل يوم، سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه. إن كنت يا عزيزي القارئ ممن يحلمون في أن يكملوا دراستهم ولكن لم تستطع أن تحدد في أي مجال تريد أن تتخصص، فعد إلى المرحلة التي ذكرتها سابقاً من أن تستعين بالمصادرالتي تساعدك على تحديد أهدافك وتحديد اتجاهاتك.

على اعتبار أنني أعلم نوعية التخصص الذي أريد، وبالتحديد القيادة التربوية، فبدأت بالبحث عن الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم هذا التخصص، فوجدت العشرات (وربما المئات) من الجامعات التي توفر التخصصات التربوية في الولايات المتحدة.

 

لماذا الولايات المتحدة الأمريكية؟

قبل أن أتحدث عن كيفية اختياري للجامعات التي قدمت إليها طلبات القبول، قد يسألني البعض لماذا اخترت الولايات المتحدة الأمريكية؟ بصراحة ليس هناك سبب مقنع (حتى لنفسي) جعلني أميل إلى أن اختار أمريكا، قد تمر بلحظات تختار فيها اختياراً مهماً يكون فيها حجتك هي أنك أحسست أنه الاختيار الأنسب الذي يجب أن تختاره. بعد ذلك أثبتت لي الأيام أن أمريكا هي الاختيار المناسب وذلك لعدة أسباب وهي:

  • سهولة المعيشة فيها.
  • طيبة وليونة شعبها.
  • التكلفة المعيشية فيها معقولة.
  • الولايات المتحدة فيها تنوع شديد والتعليم العالي فيها ممتد وثري، فيمكنني أن ألتقي بالكثير من المتخصصين في مجالي ممن لهم آراء مختلفة تجاه ذات التخصص. هناك المئات من الجامعات في الولايات المتحدة مما يجعل الزخم العلمي فيها كثيفاً.
  • بحكم اتساع الشريحة الأكاديمية، فإنه يمكنني أن أجد الكثير من الفعاليات والتجمعات الأكاديمية مثل المؤتمرات واللقاءات وفرص تكوين شبكة من العلاقات الحية بل وحتى فرص التعاون الأكاديمي كأن أعمل مع متخصصين في ولايات أخرى أو أن أعمل ضمن فرقهم البحثية.

كان الخيار الآخر المتاح لدي هو أن أبحث عن جامعة في بريطانيا، ولكنني لم أكن أشعر بالارتياح إطلاقاً تجاه أن أدرس هناك، لذلك لم أبدأ في البحث عن أي جامعة بريطانية. بالرغم من ذلك، لم أكن أتغاضى عن المميزات التي يمكن أن تكمن في الدراسة في بريطانيا منها أن المسافة بينها وبين الإمارات أقصر بكثير من المسافة بين أمريكا والإمارات، مع أني لا أرى أن عامل المسافة له ثقل كبير في عملية اختيار موطن الدراسة، إلا أنني في بعض الأحيان أحسد من يدرسون في بريطانيا لأن رحلاتهم أقصر من رحلاتي، ولأن أهلهم وأصدقاءهم سيسهل أن يترددوا عليهم في بريطانيا بخلاف عن إذا كانوا سيلتقون بهم في أمريكا.

 

اختيار الجامعات

نعم، ستبدأ باختيار عدة جامعات ولن تقوم باختيار جامعة واحدة، وسأشرح لاحقاً لم عليك أن تقوم بذلك.

كانت بدايتي في اختيار الجامعات من هذا الموقع http://www.usnews.com/usnews/store/education_compass.htm

حيث بدأت أقرأ عن الجامعات التي تقدم تخصص القيادة التربوية. الجميل في هذا الموقع هو أنه كان يعرض لي أفضل 10 جامعات تقدم هذا التخصص، وكنت أدخل على صفحة ذلك التخصص في موقع كل جامعة  وأقرأ عن طبيعة الدراسة في البرنامج.

الموقع الذي ذكرته قبل قليل من مميزاته كذلك هو أنه يذكر لمستخدمه بعض المعلومات المهمة عن البرامج التي يعرضها للطالب الذي يسعى في أن يحصل على قبول في هذه الجامعات. من أهم هذه المعلومات هو أن تعرف فرصتك في أن يتم قبولك لديها، وأنوع الاختبارات التي يطلبونها، فبعض الجامعات تطلب من المتقدم أن يؤدي اختبار الجي آر إي (وأتكلم هنا عن الجامعات الأمريكية)، ويزود الموقع الطلاب كذلك بالدرجات التي تطلبها الجامعات من المتحدثين بغير اللغة الانجليزية مثل درجات معينة للتوفل أو الآيلتز.

وكما ذكرت سابقاً أيها القارئ العزيز الذي يفكر في الدراسة في الخارج، ستقوم بالتقديم على أكثر من جامعة وليس على جامعة واحدة فقط لتضاعف فرصك في أن تحصل على قبول دراسي، لأنك إن قدمت إلى جامعة واحدة وقامت هذه الجامعة برفضك فإنك تغلق على نفسك باب الفرصة الوحيدة.

 

الاختبارات المطلوبة

من المهم أن تدرك أن من أول المهام التي عليك أن تشرع بها في وقت لا يتأخر عن مرحلة بحثك للجامعات هي مرحلة دراستك للاختبارات المطلوبة، فعليك أن تسارع بأن تحجز مواعيداً لهذه الاختبارات وغالباً ما ستكون هذه المواعيد بعد أشهر لأنه عليك أن تجهز نفسك لهذه الاختبارات طوال هذه المدة بجانب مهمتك في أن تختار الجامعات التي ستقدم على الدراسة فيها.

بالنسبة لي، لم يكن اختبار التوفل (قمت بأداء اختبار التوفل وليس الآيلتز) مقلقاً، لأنه كان لدي قلق أكبر منه وهو دراسة اختبار الجي آر إي، وهو اختبار يتطلب من بعض الجامعات الأمريكية [فيديو عن الجي آر إي]. كنت أكرس وقتاً طويلاً جداً لأجهز نفسي لهذا الاختبار، بل وأن مآسي الحياة وصلت بي إلى أن أؤديه مرة، وأحصل على درجة سيئة ثم أدرسه مرة أخرى وأحصل على درجة أفضل منها بقليل.

المهم، إن كنت تحلم بالدراسة في أمريكا، وحتى إن كنت ترى حلمك بعيد المنال فلا يضر ذلك أن تبدأ في أن تقرأ عن هذه الاختبارات، وربما حتى أن تجهز نفسك لها لأنه وقت أن تصل إلى جني ثمار حلمك فإنك ستشكر كثيراً على أنك فرغت جزءا من وقتك لهذه المهة. في الواقع، إن كنت تعد نفسك لهذة الاختبارات وانتهى بك المطاف إلى أن لا تؤديها أو حتى إلى أن تغض النظر عن الدراسة في الخارج فإنك ستكون قد استفدت الكثير من ناحية تطوير مهاراتك اللغوية، والمنطقية، والتعبيرية.

 

The Admission Counselor

بما أنني كنت موظفة، وفي نفس الوقت أجهز نفسي لاختبار الجي آر إي، وكذلك علي البحث عن الجامعات التي علي أن أقدم فيها، فقد استعنت بخدمة يقدمها متخصص يسمى بالadmission counselor، ومهمة هذا الشخص هو أن يعرف ماهية التخصص الذي أود أن ألتحق به والمعطيات الخاصة بي، كمستواي في اللغة ودرجاتي في الاختبارات المطلوبة، ومعدلي الدراسي، والموقع الجغرافي الذي أفضل أن تكون الجامعة فيه.

لن تحصل على خدمة فعالة من الadmission counselorإن لم تكن قد حددت أهدافك واتجاهاتك من قبل، لأن مهمته ليست في مساعدتك على تحديد هذه الأهداف والاتجاهات، أو حتى في أن تختار التخصص الذي تريد أن تكمل دراستك من خلاله، وإنما مهمته في أن تجد الجامعة المناسبة التي يمكن أن تكمل دراستك فيها.

قام الadmission counselor بإعداد قائمة بالجامعات التي سأقدم طلبات الدراسة عليها. يقوم بإعداد القائمة بناء على:

  • بديهياً، سيختارها بناء على التخصص الذي تطلبه
  • نسبة المتقدمين الذين تقبلهم مقارنة بعدد المتقدمين الإجمالي.
  • درجاتك في اختبارات التوفل والجي آر إي
  • ترتيب الجامعة ضمن تسلسل أفضل الجامعات (إذا كان هذا المعيار يهمك).
  • الموقع الجغرافي الذي تريد أن تسكن فيه أو أي تفضيلات أخرى.

تحديد الأهداف والاتجاهات

يواجه بعض الراغبين في إكمال دراستهم والدخول بشكل أعمق في المحيط الأكاديمي أن يكونوا غير متأكدين من التخصص الذي يودون أن يدرسونه. وقد يواجه أحدهم أن يأتي البعض ليحبطوه ويقولون له أنه يفكر بشكل عام جداً وأنه مجرد شخص متحمس يريد أن يكمل دراسته. بالفعل،  قد تكون شخصاً تفكر بشكل عام، ولكن حتى تبدأ بالتعمق حتماً ستبدأ من مكان عام فضفاض، وبعد ذلك ستختار اتجاهك فيه، ربما لا تعرف الوجهة التي تريدها، ولكنك بطريقة أو بأخرى ستختار وجهة معينة.

بناء على ذلك، إن كنت، أيها الراغب في إكمال دراستك، تشعر بأن أهدافك فضفاضة وغير محددة وأنك محتار في نوع التخصص الذي تريد أن تتعمق فيه، فأنصحك أن تبحث عن خدمات استشارية (من قبل حاصلين على تراخيص في هذا المجال). سيساعدك هؤلاء المتخصصون على تحديد تفضيلاتك وتحديد أهدافك ووجهاتك بناء على خبراتك السابقة، وطبيعة شخصيتك، ودوافعك. غالباً ما تكون هذه الخدمات متوفرة في الجامعات، ويقدمها متخصص يسمى career counselor وهو شخص يجلس معك على انفراد ليساعدك على أداء المهام الذي ذكرتها سابقا. بناء على خبرتي في الدراسة في الإمارات، فإنني أعلم أن جميع الكليات والجامعات الحكومية لديها هذة الخدمة، والأرجح أن الجامعات الخاصة المرموقة توفرها كذلك.

إن لم تستطع الوصول إلى career counselor أو كان هذا الشخص المتواجد في الجامعة أو الكلية التي تدرس فيها غير مفيداً لما تريد أن تحققه، فابحث عمن يقدم هذه المهمة في القطاع الخاص، قد تكون أسعارهم مرتفعة، ولكن إن كنت مقتدراً على دفع هذا المبلغ فإنها تجربة لن تندم عليها، باستثناء إذا قابلت استشارياً غير مؤهل لتقديم الاستشارات في هذا المجال، حينها ستندم لأنك قابلت شخصاً غير كفؤ لأن تبذل له مالك ووقتك.

إن لم تستطع الوصول إلى أي career counselor فاقرأ بكثرة في مجال career planning، وستجد من المصادر المطبوعة والالكترونية الكثير. في الواقع، أنصحك بأن تستخدم الخبرات الموجودة في هذة المصادر حتى إن وجدت career counselor في جامعتك أو في القطاع الخاص، فالجمع بين هذين المصدرين سيثري مهارتك في تحديد اختياراتك وأهدافك.

في تجربتي الشخصية، بالرغم من أنه لم تراودني فكرة اكمال دراسة الدكتوراة إلا في نهاية مرحلة دراستي للماجستير، إلا أنني زرت الcareer counselor في جامعة زايد (الجامعة التي تخرجت منها) عندما انتهيت من دراستي لدرجة البكالوريوس، وكانت من الزيارات التي علمتني أحد أهم الدروس في الحياة المهنية ألا وهي كيفية كتابة السيرة الذاتية. كانت تلك الجلسة هي التي عرفتني على أن السيرة الذاتية هي الألوان والخطوط التي ترسم صورتك في ذهن من سيقرأها، سواء كان قارئها مدير توظيف أو مسؤول القبول في الجامعة، أو شخص يريد أن يبني معك علاقة مهنية. استنتجت أن السيرة الذاتية هي الركن الأساسي في عملية التقديم على الوظيفة والمنحة والقبول الدراسي. تعلمت أنه علي أن أضع اعتباراً لكل عمل أو دور قمت به سواء كان تطوعياً أو بمقابل مادي . وبالتأكيد سيرتي الذاتية يجب أن لا تكون مشابهة لأي سيرة ذاتية أخرى كما أن صورتي ليست نسخة عن صورة امرأة أخرى.

من الأمور المهمة التي يجب أن تضعها في اعتبارك يا من تحلم بأن تكمل مسيرتك التعليمية أن سيرتك الذاتية ليست ورقة تكتبها في يومين، أو أسطر وفراغات تعبئها بكلمات تتكرر في السير الذاتية، وإنما عليك منذ اللحظة التي تدرك فيها أنك بدأت تحلم في إكمال دراستك أن عليك أن تبدأ في أن بناء سجلك المهني.

باختصار، السيرة الذاتية الجيدة لا تُكتب في يوم وليلة، وإنما تكون نتيجة لتراكم الإنجازات. تذكر أن هذه الإنجازات لا يجب أن تكون كبيرة ولها عناوين رنانة، وإنما أي دور أديته وأضاف إلى خبرتك فيمكنك تدوينه. المهم، كتابة السيرة الذاتية هو فن تنتقي فيه كلماتك وعباراتك حتى ترسم صورتك المشرقة في ذهن من يقرأها حتى يتمنى أن تعمل معه أو تعمل لديه.

 

البدايات

الكثير يسألونني عن الخطوات التي قمت باتباعها للإقدام على خطوة الدراسة في الخارج. وقد ارتأيت أن أدون هذة الخطوات، لأدونها لنفسي أولاً كذكرى تستحق الاسترجاع، وليستفيد منها الآخرون. وأنوه هنا إلى أن الخطوات الذي سأذكرها واردة لأن تختلف اختلافاً كبيراً مع خطوات من احتذوا حذوي من طلبة الدراسات العليا.

الدراسة في الخارج بدأت بحلم (وأعتقد أن هذا ما ينطبق على كثير من المبتعثين). بدأ يراودني هذا الحلم قبل أن انتهي من دراسة الماجستير.

أكرر وأقول: إن كنت أيها القارئ من الأشخاص الحلومين، فلا تتأخر في حلمك وابدأ بأن تحلم مبكراً، فكلما بكرت في أحلامك كلما كانت خطواتك أسرع، وأنا هنا لا أتكلم في أن تكف عن أن تحلم بأن تبدأ بتحقيق حلمك، وإنما ما زلت أقول أكمل أحلامك، وتخيل أكثر، لأنك عندما تحلم بمستقبل أفضل فهذه مخارة تتطلب جهداً  يستحق أن تدرب نفسك عليه.

عندما قررت أن أنقل حلمي إلى الواقع، كانت لا توجد لدي أدنى فكرة في كيفية القيام بالبحث عن جامعة أقدّم فيها، ولا حتى كيفية البحث عن التخصص الذي أريده. لم يكن والدي ممن درسوا في الخارج أو أن الدراسة في الخارج عادة جرى عليها أقراني ممن في محيطي. أعتقد أن هذا ما يجعلني قادرة على أن أدرك تفاصيل الأحداث الواقعة في عملية التقديم إلى الجامعات لأنني تعلمت كل هذه الخطوات بالركض وراءها، والبحث عنها ولم تصلني بدون مقابل.

من الأسئلة المهمة التي أتفكر فيها بين حين وآخر هو: كيف عرفت أنني السلك الأكاديمي هو المكان المناسب الذي يجب أن أكون فيه؟ عندما وجدتني مستمتعة بممارسة البحث والنقد والكتابة استشفيت أن الطريق الأكاديمي والبحثي مناسب لمن كانت فيه العلامة التالية: الشغف شديد في البحث عن استنتاج يروي ظمأه، ولمن لديه فضول في استكشاف ما وراء الأبواب المغلقة، بل وكلما فتح له باب، زاد شغفه ليعرف ما وراء الباب التالي.

كباحثة وكأكاديمية، لم يكن فضولي مقتصر على شغفي لأن أعرف المجهول، بل لأن أبحث في خبايا المجهول عن جواهر أصوغها لاستخدامي، فأرى نفسي شغوفة بأن أبحث عن الأساليب الفعالة ثم أبحث عن كيفية استخدامها بطريقة تناسب السياق والبيئة التي أنا فيها.

هل تنصحين بالدراسة في الخارج؟

سؤال وجه لي كثيراً. وجوابي هو: نعم، بالتأكيد! أن تتحرك من مكانك وتخرج من مساحة راحتك وتُعرّض نفسك لتجارب لم تخضها من قبل بحد ذاته من أكبر فوائد الابتعاث، فكيف إن كنت ستنتقل إلى بلد آخر لتحصل على تعليم ذو نوعية جيدة، بالتأكيد فالفائدة هنا مضاعفة. إن كنت مستعداً لأن تكون مغامراً وتنطلق نحو التحديات التي ستواجهك، فأنا أشجعك بأن تأخذ هذه الخطوة المثيرة.

 

دائماً أتذكر هذه المعاني في أبيات الإمام الشافعي:

ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب … من راحة فدع الأوطان واغتـرب

سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه … وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب

إني رأيت ركـود الـماء يفســده … إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب

والأسد لولا فراق الغاب ما افترست … والسهم لولا فراق القوس لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة … لملَّها الناس من عجم ومن عـرب

والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه … والعود في أرضه نوع من الحطب

فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه … وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب

 

بالأخص كثيراً ما أستأنس باستحضار قوله: إني رأيت ركود الماء يفسده.. إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب.

فعندما تضع نفسك في نفس البيئة كل يوم، وتجلس مع نفس الأصدقاء ومع نفس الزملاء، وتمارس نفس المهام الروتينية، فإن هذا الوضع راكد جداً (رغم أنه مريح) لدرجة أنه خصب لتكون التعفنات النفسية. عندما تخرج لتبحث عن علاقات جديدة، ومهام جديدة، وتجارب جديدة، فإن ذلك سيكون خارج  مساحة راحتك، ولكن هذا الوضع هو الذي سيجعلك تزيل القناع الذي تعودت أن تراه يغطي شخصيتك كل يوم، وستظهر نفسك التي كانت مختبئة من ورائه والتي اضطرت للخروج لأنك بحاجة إلى أن تحدد هويتك تجاه هذا الموقف الجديد.

المتعة ستجدها بعد مرور وقت من ابتعادك عن مساحة راحتك عندما تنظر إلى ما كنت معتاداً عليه من بُعد. وستتندر كيف كنت تعيش في الحال التي كنت فيها، ثم تتفكر فيما اكتشفته عن نفسك في الحال التي غدوت عليها.

من أمثلة مساحات الراحة التي قد تبتعد عنها حين تسافر هي أنك ستضطر أن تواجه مشاكلك من دون أن يتواجد حولك من تلقي باللوم عليه، بل عليك أن تستوعبها جميعها، وتبرمج نفسك على أنك أنت وحدك من يستطيع حلها. ومنها كذلك أنك ستقوم بالتواصل مع الآخرين بطريقة مختلفة عن طريقة تواصلك مع من اعتدت عليهم، مثل أن تتواصل مع من لا يستخدم اللباقة والاحترام في تبادل الحديث، وإنما يعاملك بمبدأ أن ما في قلبه على لسانه، وقد يعزو ذلك إلى أنها شفافية، ومثل أن تتواصل مع أشخاص لا تتحدث معهم بلغة العاطفة، أو بلغة الأعذار، وإنما بلغة المنطق والمسؤولية.

قد تؤلمك صدمة الموقف الأول، ربما ليس لأنك لا تعرف كيف تتصرف، وإنما لأن عليك أن تختار من تريد أن تكون في هذا الموقف. لذلك الاغتراب هو فرصة لأن تجدد نفسك، ومواقفك وأفكارك، وتستخرج ما كان راكداً من مهارات ومميزاتك.

بدأت بحلم!

كلما أعود في إجازة إلى موطني وعائلتي، أتلقى تساؤلات من قبل الآخرين عن الدراسة في الخارج، وطبيعة المعيشة هناك، وألمس رغبة السائل في معرفة طبيعة مواجهتي لكل ذلك. البعض منهم لا يسألني فقط من مبدأ الفضول (رغم أنني لا أعترض على أن يتفَضْوَل أحدهم، لأنها تجربة مثيرة تستدعي الفضول)، ولكن البعض يسألني لأنه قد راودته فكرة الدراسة في الخارج من قبل، وهي في وجهة نظري أفضل خطوة لأن تبدأ في رحلة حقيقية لإكمال دراستك، سواء خارج أو داخل الدولة. ولهذا أكتب سلسلة التدوينات هذه لهؤلاء الأشخاص الذين يثقون في أحلامهم وخيالاتهم، والذين يملكون العزيمة في أن ينقلوها من عالم الخيال إلى عالم الحقيقة.

فإن كنت أيها القارئ من الأشخاص الحلومين الواسعي الخيال، وتخيلت نفسك يوماً ما تكمل دراستك، فوسع أحلامك وخيالاتك وتأملاتك، وابدأ بأن تحلم مبكراً، فكلما بكرت في أحلامك كلما كانت خطواتك أسرع، وأنا هنا لا أتكلم في أن تكف عن أن تحلم بأن تبدأ بتحقيق حلمك، وإنما ما زلت أقول أكمل أحلامك وتأملاتك، وتخيل أكثر، لأنك عندما تحلم بمستقبل أفضل فهذه مهارة تتطلب جهداً  يستحق أن تدرب نفسك عليه.

منذ أن تبدأ في أن تتخيل نفسك تكمل دراستك،ابدأ بالتجهيز لها حتى وإن كنت غير متأكد من أنك ستقدم على ذلك. عملية إعداد نفسك لهذه المرحلة مفيد جداً لحياتك المهنية المستقبلية حتى وإن لم تحتوي على اي خطوة أكاديمية. من الطريف أيضاً أنك ستستفيد أكثر إن بدأت في المحاولة وفشلت، ولذلك لا أحب أن أسميه فشلاً، ولا أنصحك أن تتعمد الفشل، ولكن إن قدر الله ولم تتوفق فيما كنت تنويه، فإن تلك العملية هي خبرة مضافة إلى رصيد خبراتك.

عملية الإعداد لإكمال الدراسة بحد ذاتها ستجعل منك شخصاً أفضل لأنك من خلالها ستفكر في أهدافك، وستتأمل في مكامن ضعفك وقوتك، وستوسع شبكة علاقاتك، وستتعرف على  درجات الارتقاء في المستقبل المهني، وستتعرف على فرص التطوير الوظيفي، وستطور مهارتك في التعبير عن نفسك وعن أهدافك وما يميزك عن الآخرين.

يوم زايد للعمل الإنساني: يوم نكون فيه خير أمة أخرجت للناس

اتفق العالم علی أن الشيخ زايد من القادة الفريدين علی مر عصور من التاريخ، بل وأنه رحمة أرسلها الله رحمة للبشرية ينشر فيها الخير. وكانت هدية الله للبشرية في شخص الشيخ زايد متمثلة في قلبه الذي حوی نوايا وعزائم صادقة حملها (طيب الله ثراه) في همة عالية، ففتح الله له أبواب التوفيق بل أبواب الزيادة في كل باب يفتح له.

إن كان قد كرمنا الله بأن نكون من بني آدم، واختارنا لأن نكون خلفاء عن الله في أرضه، فإن أكرمنا وخيارنا من قاموا بحق الخلافة، وكان الشيخ زايد رحمه الله من خيرة من أدی مهمة الخلافة عن الله في ارضه وبين عباده، بل أن إحساسه بالمسؤولية تجاه هذه المهمة كان حاضراً في ذهنه ووجدانه في حركاته وسكناته.

وهذا جوهر العمل الإنساني، أن نؤدي حق الخلافة التي ميز الله بها الإنسان عن كافة المخلوقات، بل وأسجد الملائكة لآدم عليه السلام لهذه الميزة. جوهر العمل الإنساني في ان يدرك كل فرد منا مسؤوليته تجاه خلق الله مستخدما ما مكنّه الله منه من قدرات ومن وسائل ومصادر. يستوقني دائماً كلام الشيخ زايد رحمه الله بحرقة عن ضرورة أن يتفكر الإنسان في الرزق الذي أمده الله به، وتعجبه من أن يری الإنسان أن هذا الرزق أوتيه ليتمتع به لنفسه، بينما أراد الرزاق جل جلاله أن يجري هذا الرزق إلى بقية خلقه بواسطة هذا الإنسان.

“يوم زايد للعمل الإنساني” هو ليس مجرد يوم نتذكر فيه أن ننفق من أموالنا أو أن نتطوع بمجهودنا وأوقاتنا، وإنما هو يوم نعزز فيه إنسانيتنا التي نريد أن تقتدي بها الشعوب، إنسانيتنا التي نرى فيها مسؤوليتنا تجاه العالم بنشر الخير الذي ذقناه وتمتعنا به، وهو ليس خير الرفاهية ورغد العيش فحسب، وإنما أن نوصل لهم خير العلوم التي نحصلها والخبرات التي نكتسبها والقيم التي نعززها.

“يوم زايد للعمل الإنساني” هو يوم نتفكر فيه في قول الله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس” (سورة آل عمران- الآية ١١٠)، لا نكون فيه خير أمة بما فعل أجدادنا، ولا بما توارثناه من أموال، وإنما بوانايانا المخلصة وعزائمنا الصادقة في أن نكون خير خلفاء لله في أرضه وبين عبيده.

وقد وفق الله القادة في هذا البلد المبارك لأن يدركوا هذا المعنی العظيم، فنجد في أبوظبي معهد مصدر الذي تبنی أن يخرج متخصصين “مؤهلين لتغيير العالم”، ونجد مبادرة “سقيا الإمارات” التي توفر أحد أهم أركان الحياة لملايين من البشر، ومشاريع الطاقة المتجددة التي تضع للعالم نموذجاً في حسن التعامل مع المصادر التي سخرها الله لنا واستأمننا عليها. بل نجد توفيق قيادات دولة الإمارات في العمل الإنساني أنهم جعلوا منه هوية للبلاد وشعبها، فتجدهم لا يذكرون أعمال الدولة الإنسانية من باب التفاخر بما أنفقوه رغم أن الكثيرين ممن غيرهم قد اعترفوا بأن الإمارات تعتلي قوائم الدول المانحة، وإنما لا يأتون بذكر المشاريع الإنسانية إلا في سياق مسؤوليتهم تجاهها وأحقيتهم بالأسبقية في المبادرة إليها.

 

استعدادات رمضان: أفكار لصنع “فانوس رمضان” مع أطفالك

كثير من الإرشادات والتعليمات والفوائد تريد أن توصلها لأطفالك عن رمضان، وأسهل الطرق عليك أن تحدثهم عن هذه الإرشادات والفوائد، ولكن للأسف هذه الوسيلة لإيصال المعلومة هي من أقل الوسائل تأثيراً على أطفالك. الغلابة سيسمعون منك بعد عدة أيام “قلت لكم ألف مرة، لكن ما في فايدة”! اليوم أريد أن أشارككم فكرتي في كيفية بث القيم الرمضانية في أطفالك بطريقة سهلة وممتعة والأهم أنها تضمن لك تأثرهم بهذه القيم لفترة طويلة. من أفضل الطرق لبث القيم في أطفالك هي أن تربطها بجو من “انفعالات البهجة”، فعلى سبيل المثال، عندما تريد أن تحدثهم عن القيم الرمضانية فابتكر لهم جو من البهجة والفرح برمضان، وادمج في هذا الجو القيم التي تريد أن تغرسها فيهم. فكرتي هي أن تزين المنزل بفوانيس رمضان، وهي سهلة الصنع، يستطيع أن يشاركك فيها حتى الصغار جداً من أطفالك. وصنع الفوانيس هو من التعبير الفني الذي يعتبر من الممارسات التي يستمتع بها معظم الأطفال خصوصاً إن لم تحكرهم في تصميم معين تلزمهم به، وإنما يستمعون بشكل أكبر عندما يجعلون العمل الفني الذي يمارسونه معبراً عن أفكارهم وأذواقهم. وفي هذا الجو من المتعة والاندماج، يمكنك أن تردد الأذكار التي تحب أن يرددوها في رمضان، أو تردد الأناشيد التي تحتفل باستقبال رمضان، ويمكنك أن تتحدث بجمل مختصرة ولكن مركزة عن الفضائل الرمضانية التي تريدهم أن يعرفوا عنها. وهنا أود أن أشارككم بعض الأفكار المتنوعة والسهلة التنفيذ في صنع فانوس رمضان، لخلق جو البهجة والفرح في المنزل مع أطفالك

ramadan1

فانوس رمضان

المصدر

هذه الفوانيس التقليدية، ولكن أعجبني فيها اختيار تصميم الورق المتناسق



ramadan6

المصدر

وهذا استخدام جميل ومتناسق للأوراق الملونة في صنع الفوانيس التقليدية



ramadan2

المصدر

وهذه فكرة جميلة لصنع فانوس من علب المشروبات الغازية، وهي وسيلة فعالة لتعليم الأطفال تدوير النفايات



ramadan5

المصدر

وفكرة أخرى لتدوير النفايات لصنع فانوس من علب المعلبات المعدنية

 

ramadan3 المصدر

 

ramadan4

المصدر

وهنا كيفية صنع نجمة يمكنك أن تعلقها مع الفوانيس

 

ramadan7

المصدر

وهذه فكرة لاستخدام المصابيح الصينية لصنع أجواء رمضانية!

 

ramadan23

المصدر

 

ramadan9

المصدر

أفكار لفوانيس جميلة توضع على الطاولات

 

ramadan10

المصدر

 

ramadan18

المصدر

 

ramadan19

طريقة صنع هذا الفانوس الجميل تجدونها في المصدر

 

ramadan20

المصدر

 

ramadan21

المصدر

أعجبتني هذه الفكرة الجميلة والبسيطة، استخدام الأكواب الورقية لصنع إضاءة توضع على الطاولة